بسم الله الرحمن الرحيم
--------------------------------
ما أكثر من قرأ التاريخَ و استقرأه !
أنا منهم ؛ و من استقرائي الخاصِّ : أنَّه لمْ ترزَحْ بلدةٌ تحت وطأةِ
الاستيطان و الاحتلال و الاستعمار , باختصار : لم أعرفْ بلدةً سكنها عددٌ
من الأمم كمثلِ بلادِ الشَّام !
تجد فيها العروبة و ضدَّها , و الإسلامَ و غيره من الشرائع , و العَمار و الاحتلال , فللَّهِ أنتِ من بلادٍ , يا بلاد الشَّام !
اليوم ؛ ترى بلاد الشام أربعةَ دوَلٍ :
سورية , لبنان , الأردن , و فلسطين .
ففي سورية ؛ نجدُ هذا الأرعن المتناقض يسوم أهلها سوءَ العذاب , عجَّلَ
اللهُ حتفَهُ ! و هنا ترى أنموذجًا للاستبداد و الاحتلال - إن صحَّ
التعبير - .
و في لبنان , يتفرَّع من الإسلام و النصرانية و غيرها ممَّن ينتسب إلى
أحدها , سواءً صدق في انتسابه أو كذب , أفرعٌ مجموعُها سبعةَ عشرَ تقريبًا
كما أخبرني أحدُ دعاتهم ؛ و هذا مثالٌ لتعدُّد و كثرةِ الملل هناك , في
بلاد الشام .
و في الأردنِّ , لا أعرف عنها كثيرًا , اللهمَّ إلا أن تكون من قواعد
الرُّوم سابقًا , و هي مهدٌ لحضاراتٍ و آثارٍ لا تخفى , و هذه صورةٌ من
صور تعدُّد الأمم و الشعوب في الشام .
و أما فلسطين .. آآآآآآه يا فلسطين ! قلبُ الأمَّةِ الجريحُ فلسطين !
هي مجمعُ المتفرِّقاتِ , و مفترقُ المجتمعات ..
فمن عماليق إلى إسرائيليِّين , إلى رومٍ ثمَّ أحكم الإسلام قبضتَه عليها , ثمَّ ما زالت تتعاورُها الأيدي إلى يومنا هذا .
و أمَّا مفترق المجتمعات ؛ فإنَّ أهل الإسلام اجتمعوا على دين الله تعالى
, و على حبِّ هذه البلدة المباركة , و لكنَّ فعالَهم , و ركونَ كثيرٍ منهم
إلى الدنيا - و الله يعفو عنَّا - جعلهم يتفرَّقون عنها منخذلين , حظُّها
منهم خطبةٌ يلقونها , و تنديدٌ يبربرون به , و أخيرًا .. لا شيء !
و لكن , لم أفقد الأملَ في أمَّتنا لحظةً من حياتي .. قد ينتابُنِي الحزنُ
و الهمُّ نعم ؛ و لكن أنْ أطَّرِحَ الأمل , و آيَسَ بالمرَّة , فهذا لم
يكنْ , و لا أراه يكونُ .
اللهمَّ حرِّرْ بلاد الشام من كيد الغاصبين , و جورِ الظالمين , و أخرج منها يهودَ أذلَّاءَ صاغرين .