كأنها تسير على شاطئ غريب قليلا ومعها طفل , ولكن الأهم أن هناك حوار خاص بينها وبين نفسها في لحظات معينة .وقفت على الرصيف في شارع المدينة, تمسك يد ابن أختها الصغير باحثة بعينيها الواسعتين الكستنائيتين عن سيارة أجرة عندما تناهت إلى سمعها همسات بدت قريبة , التفتت لتجده يجلس القرفصاء , يمد للطفل قطعة شوكولاه بلطف .
مانع الطفل وخبأ وجهه الصغير في ثنايا فستانها الأزرق الطويل رفع رأسه إليها ........؟
ايّ نداء يسكن أعماق البحار , يسحر من الهمسة الأولى وايّ شيء يجمع كنوز البحر غير لؤلؤة تشع عند اقترابها من النور أسعفها نسيم رطب خبأ للحظات عينيها بخصلات شعرها الطويل المنساب بهدوء على كتفيها مسحت بكفها على رأس الطفل ثم أعادت في ارتباك نظرها إليه فكّرت : ايّ نحات يمنح تمثاله جلسة السابح في عوالم الأزل دون عناء ايّ شاعر يستطيع الإفصاح بكل وضوح عما تحكيه همسة عين من قال أن الزمن لا يتوقف للحظات
- جاءها صوته كالحلم: رفيقك الصغير لا يعرفني قولي له أني لست غريبا بل لعلي أكون قريبا جدا أليس كذلك....؟
- كم من ثلج يجب أن يتراكم على عضلات الفم المطبق حتى ينفتح ويجيب على السؤال وهل من الممكن أن يوجد دائما جواب لكل سؤال ؟ همست : حسام لاترفض الهدية , امتدت يد الصغير تمسك بقطعة الشكولاه في خجل , تتحسسها , انحنا عليه فأطلق كلمة الشكر بكل حياء
- ابتسم الوجه الهادئ كبحر يداعب زورقا في الأعماق , رفع رأسه فلمعت اللؤلؤتان في ضوء الطريق. ماذا تصنع الكلمات لو تنطلق هكذا دون نبض وايّ حركة أو سكون لملامح الوجه الصامت لاتفهم , لايمكن لذاكرة متعبة أن تحتفظ بشيء مثل هذا ومثل متى وكيف ......؟ لاتعرف كيف أوقفت السيارة وركبت بجانب الطفل المبتسم من الأعماق لاتعرف كيف وصلت إلى الميناء الذي اخذ يعج بفوضى الحركة والضوضاء
- وبدأت الباخرة تشق في عمق البحر طريقها الطويل نحو ميناء بعيد بدأت المدينة تبتعد شيئا فشيئا والميناء يغرق في فوضى الموج والزبد الذي تخلفه الباخرة وراءها .
- جاءها صوت الصغير : حالتي شوفا عود إلى هذه المدينة حين اكبر وهل ستعودين معي ؟
- بدا صوتها كأنه يأتي من أعماق البحر . لا ادري..........!؟ ربما..... ونظرت إلى هناك إلى بقايا المدينة كيف ابتلع وحش الصمت كل هذا اللقاء خرج هذا اللقاء فجأة كأنه من أعماق المستحيل كيف عبرت حدود الانتماء نحو المجهول ذهبت الباخرة وغرقت المدينة في أعماق الصمت