لملمت الخصلة الأمامية من شعرها المتطاير مع هبات النسيم الخفيف , وهي جالسة أمامي تسبح في أفق هذا النهر الجاري حيث تظللنا الأشجار والسمفونية الهادئة لأصوات العصافير التي تتلاعب بأذاننا , فجأة ... ! قطَعت هذا السكون : بيئة موحية لشاعر ملهم تُرى ماذا ينقصها ؟؟!! .
قلت : الكلمات المعبرة ...
قالت : ألستَ شاعراً ؟
قلت : بلى .. لكن شيطان شعري هاربٌ مني الآن ..
قالت : إذاً ما السبيل لإستدعائه ؟
قلت : لا أدري ..
قالت : حقاً فأنا أعاني الأمرّين من جرائه
قلت : أعلم أنكِ تكتبين الشعر فأين هو ؟
قالت عذراً فشعري لم يطلع عليه أحد
قلت : ولو قصيدة !؟
تحت إصراري أخرجتْ قصيدة قائلة : بشرط أن تعي ما فيها .
أمسكتُ بالقصيدة , بدأت أقرؤها , عند الانتهاء من آخر كلماتها أحسستُ برعشةٍ في يدي , وبعرقٍ غزير يتصبب , وبهذا الموقف الذي وضعت نفسي فيه , نظرت إليها وجدتها ناظرةً إليّ ...
تظاهرت بقراءة القصيدة مرة أخرى , وبين فترة و أخرى كنت أختلس النظر إليها فأراها تنظر إليّ متلهفة وعلى وجهها ابتسامة لا أدري .. لا أدري ما سرها ...
في تلك اللحظات أدركت أنه لا فائدة من الصمت ...
قلت : شيطانٌ مارد هذا الذي أوحى لكِ بهذا , إنها موهبة شعرية فذّ ..
قالت : أترك المجاملات جانباً ... ماردّك قالت : ؟؟
في هذه اللحظة لم أستطع أن أنبس ببنت شفة , دقات قلبي تتسارع , توتر يعتريني , عرقٌ غزير , أمسكتُ بالمنديل لأجفف بحر العرق الغارق فيه ..
شعرت لحظتها بارتباكي فآثرتْ الصمت .
تمالكتُ قواي , سألت نفسي : ما شعوري نحوها , هي فتاة جميلة ..
أحياناً أشعر نحوها بحنان لا أعرف نوعه , لكنه ليس حنين العاطفة ..
لقد جربت حنين الحب ولست أظنه هو .
لحظاتٌ مرت عصيبة على نفسي , حاولت الكلام لكن ماذا أقول ؟!
أحاول أن أستجمع كلمة ... تهرب مني كلمات ....
لأول مرة أتأكد بأني لست بشاعر , تأملت خط الأفق حين استعدت الشمس للرحيل , تشيّع منظراً كئيباً للموت قبل الولادة ...
مخلفة أضواء حزينة , تأملت قرص الشمس وهو يذوب حتى اختفى في هذا البحر الكائن بين السماء والأرض , متسائلاً في نفسي :
هل ستظهر من جديد ......... ؟؟!