أيها المارُّون بين الكلمات العابرة
احملوا أسماءكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، و انصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة
و خذوا ما شئتم من صورٍ كي تعرفوا
أنكم لن تعرفوا
كيف يبني حجرٌ من أرضنا سقف السماءْ...
2
أيها المارُّون بين الكلمات العابرة
منكم السيف - ومنَّـا دمنا
منكم الفولاذ والنار- ومنَّـا لحمنا
منكم دبابة أخرى- ومنا حجرُ
منكم قنبلة الغاز - ومنا المطرُ
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقصٍ.. و انصرفوا
وعلينا، نحن، أن نحرس ورد الشهداء ْ..
و علينا، نحن، أن نحيا كما نحن نشاء !
3
أيها المارُّون بين الكلمات العابرة
كالغبار المُرّ مرّوا أينما شئتم ولكنْ
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا في أرضنا ما نعملُ
و لنا قمح نربِّيه و نسقيه ندى أجسادنا
و لنا ما ليس يرضيكم هنا :
حجر... أو حَجَلُ
فخذوا الماضي، إذا شئتم، إلى سوق التحفْ
و أعيدوا الهيكل العظمي للهدهد، ان شئتم،
على صحن خزف.
فلنا ما ليس يرضيكم: لنا المستقبلُ
ولنا في أرضنا ما نعمل
4
أيها المارُّون بين الكلمات العابرة
كدِّسوا أوهامكم في حفرة مهجورة، وانصرفوا
وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدَّسْ
أو إلى توقيت موسيقى المسدسْ!
فلنا ما ليس يرضيكم هنا، فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم : وطنٌ ينزف شعباً ينزفُ
وطناً يصلح للنسيان أو للذاكرة..
أيها المارُّون بين الكلمات العابرة
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم، ولكن لا تقيموا بيننا
آن أن تنصرفوا
ولتموتوا أينما شئتم، ولكن لا تموتوا بيننا
فلنا في أرضنا ما نعملُ
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الأوَّل
ولنا الحاضرُ، والحاضرُ ، والمستقبلُ
ولنا الدنيا هنا.. و الآخرة
فاخرجوا من أرضنا
من برنا .. من بحرنا
من قمحنا .. من ملحنا .. من جرحنا
من كل شيء، واخرجوا
من ذكريات الذاكرة
أيها المارُّون بين الكلمات العابرة !..
..........................................
النهر غريب و أنت حبيبتي
الغريبُ النهرُ - قالتْ
و استعدَّت للغناءْ
لم نحاول لغة الحبِّ، و لم نذهب إلى النهر سدى
و أتاني الليلُ من منديلها
لم يأت ليلٌ مثل هذا الليل من قبل فَقَدَّمْتُ دمي للأنبياء
ليموتوا بدلاً منا..
و نبقى ساعة فوق رصيف الغرباءْ
و استعدَّت للغناءْ.
وحدنا في لحظة العُشّاقِ
أزهار على الماءِ
و أقدام على الماءِ
إلى أين سنذهبْ؟
للغزال الريحُ و الرمحُ. أنا السّكين و الجرحُ.
إلى أين سنذهب؟
ها هي الحريَّةُ الحسناءُ في شريانيَ المقطوع،
عيناكِ و بلدانٌ على النافذة الصغرى
و يا عصفورة النار، إلى أين سنذهبْ؟
للغزال الريحُ و الرمحُ،
و للشاعر يأتي زَمَنٌ على من الماء، و أدنى من حبال
الشَّنْقِ.
يا عصفورة المنفى! إلى أين سنذهبْ؟
لم أودِّعك. فقد ودَّتُ سطح الكرة الأرضيَّةِ الآنَ..
معي أنت لقاء دائمٌ بين وداع و وداع.
ها أنا أشهدُ أن الحب مثل الموتِ
يأتي حين لا ننتظر الحبَّ،
فلا تنتظريني...
الغريبُ النهرُ - قالتْ
و استعدَّت للسّفرْ.
الجهاتُ الستُّ لا تعرف عن ((جانا))
سوى أنَّ المطرْ
لم يُبَلِّلها.
و لا تعرف عنها
غير أني قد تغيَّرتُ تغيَّرتُ
تصبَّبْتُ بروقاً و شجرْ
و أسرتُ السنبادْ.
و الغريبُ النهرُ - قالت
ها هو الشيء الذي نَسْكُتُ
قد صار بلادْ
ها هِي الأرض لبتي نسكُنُ
قد صارت سفر.
و الغريبُ النهرُ - قالت
و استعدَّت للسفر.
وحدنا لا ندخل الليلَ
لماذا يتمنّى جسمُكِ الشّعر
و زهر اللوتس الأبعدَ من قبري
لماذا تحلمين
بمزيدٍ من عيون الشهداءِ؟
اقتربي مني يزيدوا واحداً
((خبزي كفاف البرهة الأولى))..
و أمضي نحو وقتي و صليب الآخرين.
وحدنا لا ندخل الليل سدى،
يا أيها الجسم الذي يختصرُ الأرض،
و يا أيتها الأرض التي تأخذ شكل الجَسَد الروحي
كوني لأكونْ.
حاولي أن ترسميني قمراً
ينحدر الليلُ إلى الغابات خيلاً
حاولي أن ترسميني حجراً
تمضي المسافاتُ إلى بيتيَ خيلاً
فلماذا تحلمين
بمزيدٍ من وجوه الشهداءِ،
ابتعدي عنّي يصيروا أمَّةً في واحد...
هل تحرقين الريح في خاصرتي؟
أم تمتشقين الشمس؟
أم تنتحرينْ؟
علَّمتني هذه الدنيا لُغَاتٍ و بلاداً غير ما ترسمه عيناكِ.
لا أفهم شيئاً منكِ. لا أفهمُني ((جانا))
فلا تنتظريني!..
...