ضربة أمنية قاسمة تلقتها شبكات إسرائيل والأطلسي في سورية
ضربة أمنية قاسمة تلقتها شبكات
ضربة أمنية قاسمة تلقتها شبكات إسرائيل والأطلسي في سورية
أعلنت إيران عن اعتقال ثلاثين جاسوساً لأميركا في إيران من الجامعيين والعاملين في الجيش.
ووفق موقع "فيلكا" الإسرائيلي فإن الإيرانيين اعتقلوا هؤلاء الجواسيس
بناء على معلومات من
المخابرات السورية التي اخترقت عملية للأطلسي في سورية.
وقد أكد عضو الكونغرس الأميركي جيمس واكسمان السبب الحقيقي الذي دفع أوروبا لمعاقبة مسؤولين أمنيين سوريين،
مشيراً إلى أن سورية تدفع ثمن تجرؤها على جهود الأطلسي وإسرائيل في محاربة الإرهاب.
فما هي قصة الجرأة السورية على الأطلسي وعلى إسرائيل؟
سؤال أجاب عنه خبير في الشؤون الاستخباراتية ممن عملوا في الشرق الأوسط وفي سورية تحديداً لسنوات،
وهو يعرف الكثير من خفايا الأمور بحكم مواقعه السابقة التي لا تزال تتيح له الاطلاع على الملفات الأكثر سرية في عالم الأمن والسياسة الأميركية والأوروبية والعربية.
الخبير الأمني الأميركي زعم في حديث خاص بأن ما حصل من إقرار أوروبي لعقوبات على مسؤولين أمنيين سوريين بحجة ممارستهم للقمع ضد المتظاهرين
ليس سوى الشماعة التي أراد الأوروبيون من خلالها التغطية على تلقيهم لضربة أمنية قاصمة وجهها إليهم كل من الجنرال علي المملوك والكولونيل حافظ مخلوف.
فماذا في التفاصيل؟:
عملية "الياسمينة الزرقاء"
يروي الخبير الأمني الأميركي،
المنتمي الآن إلى من يعرفون في أميركا "بالارابيسك" الخبراء بالشؤون العربية قصة عملية "الياسمينة الزرقاء" والتي شاركت فيها كل أجهزة استخبارات دول الحلف الأطلسي،
والتي استهدفت التأثير على القرار السياسي في سورية عبر اختراق أجهزة الدولة المدنية والعسكرية، وعبر العمل أمنياً على إيصال شخصيات موالية للغرب إلى مواقع سلطوية تتمكن من خلالها مخابرات الأطلسي من السيطرة على مقاليد الأمور في سورية حين تحين اللحظة المناسبة - أي انهيار النظام - وقد استمرت تلك العملية منذ نهاية العام 1999 إلى الأول من نيسان الماضي،
حيث اختفى سبعة عشر شخصاً - مفتاحاً أمنياً - ممن يسمون في عالم المخابرات بـ"ضباط الميدان" أو الـ"محركين الأمنيين" وهؤلاء يرتبطون عادة بضباط المحطات المخابراتية المقيمين في دمشق تحت غطاء العمل في السفارات الأوروبية.
وأما المفتاح الأمني الثامن عشر فهو الوحيد الذي نجا من الاعتقال على ما يبدو لسبب بسيط، وهو لأن إقامته في دبي وليست في دمشق. وتلك الشخصية الأساسية في العملية المسم?'اة "الياسمينة الزرقاء" يدعى
أيمن عبد النور
وهو مهندس مدني سوري عملت الاستخبارات الإسرائيلية على استقطابه في العام 2005، ولكنها وجدت أن الأميركيين قد سبقوها إليه، فتشارك الإسرائيليون واستخبارات الولايات المتحدة في استثمار الرجل إلى حين ضمه عملياً إلى العملية الكبيرة لاستخبارات الأطلسي في سورية وهي عملية كانت إسرائيل عبر الموساد شريكاً أساسياً فيها.
الخبير الأمني الأميركي يضيف فيقول:
بعد فقدان الاتصال بالمفاتيح الأمنيين السبعة عشر، قرر الأوروبيون تجميد العملية عبر إصدار أمر إلى الخلايا الأمنية المنتشرة في سورية لترك البلد والهرب، لكن الأوامر التي وجهها الأطلسي جرى الرد عليها من أجهزة اتصال متطورة كان يملكها العملاء السوريون لمخابرات الأطلسي بكلمات قليلة:
"العملية انتهت مع تحيات المخابرات العامة السورية".
كانت تلك الشبكات بمعظمها قد أصبحت في السجن، وهي التي جرى بناؤها منذ العام 1999 ثم جرى تفعيلها بشكل كبير في العام 2005 بعد انضمام أيمن عبد النور إلى تلك العملية كمنسق رئيسي بين مخابرات الأطلسي وبين عملاء سوريين من مستوى رفيع،
نجح أيمن عبد النور في تجنيدهم بما يملكه من مواصفات شخصية، فهو صاحب سيرة حسنة، وبعثي عامل ونشيط، عمل في صفوف حزب البعث الحاكم في سورية منذ العام 1989 حين كان طالباً في الجامعة – كلية الهندسة في دمشق (وقد عمل بجد على حضور كل اجتماعات خليته الحزبية العاملة في منطقة دمشق الثانية في الفرقة الحزبية في منطقة القصاع المسيحية في وسط العاصمة السورية)
وقد تحول الرجل بدعم من السفارات الغربية في دمشق إلى موظف مرموق في منظمة الصحة العالمية – مكتب دمشق، وكان لأربع سنوات متتالية عضواً معيناً لا منتخباً في بلدية العاصمة السورية، وكان لفترة مقرباً من ضابط أمن رئيسي في سورية ومن ثم اعتقد مرتاحاً أنه فوق الشكوك، بينما كانت الاستخبارات السورية واللواء علي المملوك تحديداً يتلاعب به كمن يتلاعب بكرة قدم .
وكان المدعو أيمن عبد النور قد تحول مع الوقت وبدعم غربي دوماً إلى "خبير اقتصادي" مع أنه حاصل على إجازة في الهندسة المدنية،
إلا أنه للتغطية على مهنته الجديدة حصل على دبلوم في اختصاص مختلف، وأخذ يستعين بخبراته (المزعومة لأغراض أمنية) الاتحاد الأوروبي، وبعد دخوله المجال الإعلامي الجديد (الالكتروني) تلقى أيمن عبد النور دورات عالية في العمل الأمني والتجنيد وجمع المعلومات وقيادة العمليات الأمنية ميدانياً في دمشق وفي القاهرة وفي لندن وفي لشبونة وباريس.
وصل مدربوه مع وفد حواري أميركي زار دمشق في أعوام 2003 و2004 من ضمن وفد ترأسه النائب الأميركي كريستوفر كوكس، كما تلقى أيمن عبد النور تدريبات استخبارية على القيادة والتحشيد في القاهرة في شقة تملكها السي أي ايه هناك،
وكانت حجة سفره إلى هناك العام 2007 هي تدريب صحفيين سوريين على تغطية الانتخابات الرئاسية، وفي لندن أيضاً تلقى الرجل دورات شديدة التعقيد ولا تقدمها المخابرات الأميركية إلا للعمداء والجنرالات.
وفي باريس وفي برشلونة تلقى الرجل تدريبات على يد خبراء الأطلسي الأمنيين تمكنه من قيادة غرفة عمليات سياسية – أمنية،
حيث كان من المفترض أن ينسق أيمن عبد النور لعملية الانقلاب على بشار الأسد من خلال مشاركته في حكومة إنقاذ وطني تحل مكان حكومة حزب البعث بصفته نائباً لرئيس الوزراء وزيراً للنفط (وقد كان ينسق منذ سنوات مع كل من مقربين من خدام ورفعت الأسد).
وقد زاد من أهمية أيمن عبد النور الأمنية الرعاية التي أولاه إياها محمد بن زايد نائب حاكم أبو ظبي، وهي جعلت من أيمن عبد النور مفتاحاً مالياً للدخول في عالم المعارضة السورية السري في الداخل،
حيث تولى عبد النور منذ أعوام تمويل المئات من الموظفين السوريين في التلفزيون وفي جسم الصحافة السوري بحجة مراسلة موقعه الالكتروني.
ولأيمن عبد النور أيضاً عملاء في الوزارات الأساسية يعملون معه بحجة أنه يبحث عن مواطن الفساد في الدولة السورية ليفضحه، وهو كان يزعم بأنه يريد منهم تقديم مستندات ينشرها شرط أن يحصلوا على وثائق أصلية من وزاراتهم.
هل أيمن عبد النور عميل للأطلسي وللإسرائيليين وللأميركيين مجتمعين؟..
يقول الخبير الأمني الأميركي:
هو عميل للأميركيين ويعمل مع الإسرائيليين ومع الأطلسي بموافقة الأميركيين.
وما هي علاقة أيمن عبد النور بالعقوبات على المسؤولين السوريين؟..
يجيب الخبير الأمني الأميركي:
أيمن عبد النور بحسب الخبراء الأميركيين والأوروبيين في تحليل المعطيات الأمنية هو الحلقة التي دخل من خلالها اللواء علي المملوك إلى عملية "الياسمينة الزرقاء"
وقد تمكن الجنرال المملوك من خلال مراقبة حركة اتصالات ومتابعة عملاء أيمن عبد النور في سورية – على مدار سنوات طويلة قد تصل إلى ست سنوات – تمكن من معرفة واكتشاف واعتقال عدد كبير من الخلايا المخابراتية التابعة للأطلسي ولإسرائيل في سورية، وقد بلغ عدد المعتقلين العشرات - منهم خمسة وعشرون عميلاً للموساد فقط - وقد نفذ أجزاء هامة من العملية الأمنية المضادة لعملية "الياسمينة الزرقاء"
العقيد السوري "حافظ مخلوف" أحد أكثر الضباط الأمنيين العاملين في جهاز المخابرات العامة (الذي يترأسه علي المملوك) فاعلية وحرفية،
والألمان يشبهون دقة حافظ مخلوف الأمنية بدقة الساعة السويسرية،
فهو وفور تسلمه لمهام متابعة عملية الياسمينة الزرقاء من اللواء المملوك في بداية العام 2006 (أي بعد سنوات من اختراق اللواء علي المملوك لتلك العملية في بعض مفاصلها) وضع مخلوف خارطة طريق للمشتبه بهم في التعامل مع مخابرات الأطلسي والموساد،
وعند بدء التحركات الشعبية الأخيرة في سورية، بدأت عملية سورية مضادة انتهت باعتقال كل أعضاء شبكة خلايا الأطلسي المتعاونة مع الموساد وانهارت عملية "الياسمينة الزرقاء" بالكامل،
ولم يهرب من الجواسيس السوريين المتورطين فيها إلا ثلاثة وصلوا إلى لبنان ورابعهم أيمن عبد النور المقيم في دبي.
أيمن المتذاكي كان قد جرى اختراقه على يد رجال علي المملوك، حيث دس له اللواء الدمشقي الأصل عدداً من العملاء المزدوجين وكانت قمة الحرفية السورية في عالم الاستخبارات قيام اللواء علي المملوك بعملية تمويه أدت إلى اقتناع الأطلسي بأن أيمن عبد النور لم يفقد سرية عمله معهم حتى بعد هربه من سورية إلى دبي.
ما هي أهداف عملية "الياسمينة الزرقاء"؟..
يجيب الخبير الأمني الأميركي:
قلب نظام الحكم وضمان توجيه الأوضاع في سورية في وقت الاضطرابات إلى وضع يكون البديل فيه عن بشار الأسد جاهزاً من داخل المجتمع السوري المقبول أوروبياً وغربياً،
بحيث تتولى تلك العملية ضمان انتقال السلطة إلى حلفاء للغرب لا إلى معادين له، أشخاص لهم علاقة من نوع ما بالسلطة البعثية السابقة، ولهم أيضاً علاقة قوية جداً ووثيقة بالأوروبيين إن لم يكن بالأميركيين مباشرة.
كما أن الجواسيس الغربيين العاملين في إطار عملية "الياسمينة الزرقاء" من أمثال أيمن عبد النور عملوا على قيادة عملية من داخل سورية ومن خارجها للتشهير بالرئيس بشار الأسد وبعائلته.
ومن العمليات التي قادها أفراد عملوا في عملية "الياسمينة الزرقاء" تحت قيادة المخابرات التابعة للحلف الأطلسي التحريض جماهيرياً على الأسد لإفقاده شعبيته بين السوريين الذين يفرقون في العادة بين كراهيتهم للنظام البعثي وبين احترامهم وحب الكثيرين منهم للرئيس السوري بشار الأسد الذي كان الأطلسيون يعرفون بأنه يتمتع بشعبية لا يمكن إسقاطها إلا بتناول المقربين منه بأقاويل إعلامية.
لذا جرى تكليف عدد من الشخصيات العميلة للأطلسي في سورية وخارجها من العاملين في الإعلام، فعمل هؤلاء على إطلاق أوسع عملية تشويه إعلامي لكل من شقيق الرئيس الجنرال ماهر الأسد
(وهو ما تكشفه التقارير الإعلامية التي بثتها وكالات الأنباء الغربية وخاصة "رويترز" و"فرانس برس" و"يو بي آي" من الأردن وبيروت، بزعم أنها من دمشق، والتي شددت على أن كل عمليات القمع يقودها كل من "الجنرال ماهر الأسد" وقريبه الكولونيل حافظ مخلوف).
ومن المستهدفين بعمليات أمنية إعلامية مماثلة لتلك التي استهدفت "ماهر الأسد" و"حافظ مخلوف" كما أن المشاركين في عملية "الياسمينة الزرقاء" وعلى رأسهم أيمن عبد النور قاموا أيضاً بنشر العشرات من التقارير المكتوبة والمصورة تناولت مهندس مدني آخر هو رامي مخلوف.
الوسائل الإعلامية الغربية والعربية الحليفة للأميركيين تمكنت من الضرب على وتر أقارب الرئيس السوري بهدف وحيد هو تخفيض شعبية الرئيس بشار الأسد إلى الحد الأدنى في أوساط المواطنين،
فالإقرار شعبياً بأن مخلوف فاسد وبأن الجنرال ماهر الأسد قمعي وبأن الكولونيل حافظ مخلوف يضطهد المساجين ونشر قصص وهمية عن عمليات تعذيب يقوم بها الجنرال مملوك وهو أمر يتولاه بصورة دورية كثير من الإعلاميين العملاء لإسرائيل (ومن بينهم المعتوه عقلياً وصاحب المخيلة الواسعة نزار نيوف الذي يخترع في كل يوم قصة عن اللواء مملوك بهدف تشويه سمعته) كل تلك الادعاءات كان هدفها النيل من شعبية الرئيس بشار الأسد شخصياً.
وليس التعرض لأقارب الرئيس السوري (شقيقه وأبناء خاله) ومساعديه الأقرب (الجنرال مملوك) إلا وسيلة لخفض شعبية الرئيس الأسد.
وعن سبب طول المدة التي استغرقتها عملية "الياسمينة الزرقاء" يقول الخبير الأمني الأميركي:
إنها عملية إستراتيجية تشبه عملية إسقاط الاتحاد السوفييتي وتفتيته. فبناء شبكات ذات قدرة عالية وكفاءة سياسية كبيرة يلزمها الكثير من الوقت. فعلى سبيل المثال، إن اختيار المميزين من الأشخاص للعمل في هكذا عمليات ينبغي أن يكون عالي الدقة لكي نضمن قدرة الجاسوس على الترقي الوظيفي والاجتماعي والسياسي ( يلتسين تم تجنيده حين كان مسؤول مدينة في الحزب الشيوعي وقد وصل بقدراته الذاتية إلى منصب أمين عام الحزب الشيوعي الروسي ما مكن الأميركيين من استخدامه لفرط الاتحاد السوفييتي، وقد استغرقت العملية منذ تجنيده في الستينيات إلى وصوله في الثمانينات إلى تلك المناصب العليا حوالى الخمسة وعشرين عاماً).
ويضيف المصدر الأميركي الموثوق:
على سبيل المثال نموذج أيمن عبد النور هو درس لمثل هذه العمليات المعقدة، فالرجل يملك مواصفات قيادية يخفيها خلف تهذيب شديد وشخصية محببة وخلوقة،
ولكنه من الناحية الأمنية رجل مهمات صعبة، حتى أن خدمته العسكرية الإلزامية كانت في صفوف المخابرات العامة السورية، وهو ما لا يعرفه كثيرون، واختيار الأميركيين المخابراتي لأيمن عبد النور، كقيادي في عملية كانت جارية أصلاً، يعني بأن مميزاته الشخصية كبيرة جداً،
وهذا لا يعني بأن ترقيه اجتماعياً كان صدفة، فعمله مع الاتحاد الأوروبي، والأضواء الإعلامية التي تسلطت عليه في الفضائيات، خاصة العربية الموالية للغرب، كلها أمور جرى ترتيبها بعناية لرفع المستوى الاجتماعي والسياسي والإعلامي له، بغرض تعظيم الاستفادة الأمنية المخابراتية منه.
إذاً لا سبب للعقوبات الأوروبية على المسؤولين السوريين أعظم من السبب الأمني.. فتخيلوا حجم الإحراج الأوروبي – الأميركي لو أخرج السوريون اعترافات بعض قادة عملية الياسمينة الزرقاء إلى الإعلام الدولي؟؟
أما الآن وبعد فرض العقوبات فيمكن حالياً برأي الأوروبيين مفاوضة السوريين على حل:
ادفنوا خبر العملية ننجيكم من المحكمة الجنائية الدولية
ضربة أمنية قاسمة تلقتها شبكات